
تُساعد مهارات حلّ المشكلات الطفل على تجاوز العوائق التي يواجهها أثناء تفاعله مع محيطه، وتجريب طرق جديدة، وتطوير استراتيجيات تساعده على الوصول إلى هدفه. وتُعتبر الأفعال التي تُلاحظ بشكل خاص في مرحلة الطفولة المبكرة، مثل إخراج جسم من وعاء، أو إزالة الحلقات من عصا، أو وضع غطاء في مكانه الصحيح، أو البحث عن لعبة مخفية، أكثر من مجرد مهارات حركية، فهي تُحفّز أيضًا العمليات المعرفية لدى الطفل.
تُسهم هذه المهارات في تنمية العديد من الوظائف التنفيذية المهمة مثل فهم علاقات السبب والنتيجة، وتركيز الانتباه، ووضع الخطط، وتغيير الاستراتيجية، والتعلّم من الأخطاء. على سبيل المثال، عندما يبحث الطفل عن لعبة مخفية تمامًا ويعثر عليها، فإنه يستخدم في نفس الوقت الذاكرة ومفهوم "استمرارية الشيء" وتطوير استراتيجيات لحلّ المشكلة.
ما هي المهارات التي يتضمّنها حلّ المشكلات؟
- الانتباه والملاحظة: يلاحظ الطفل وجود مشكلة ويُقيّم الإشارات المحيطة بها.
- التخمين والتجريب: يجرّب حلولًا مختلفة، وإذا فشل، يُطوّر محاولات جديدة.
- تحديد الهدف: يُخطط ذهنيًّا للوصول إلى النتيجة المطلوبة.
- التنفيذ الحركي: يُحوّل الخطة إلى سلوك عملي.
- التقييم: إذا لم ينجح في محاولته، يُجرّب استراتيجية أخرى.
نقاط يجب مراعاتها أثناء تعليم حلّ المشكلات:
١. اختيار مستوى صعوبة مناسب:
يُفضّل البدء بمواد تتناسب مع مستوى الطفل لضمان النجاح والمحافظة على الاهتمام. مثلًا، يمكن استخدام ألعاب تركيب سهلة ذات قطع قليلة أو ألعاب المطابقة بأشياء كبيرة وسهلة الإمساك.
٢. عرض النموذج وتخفيف الدعم تدريجيًّا:
من المفيد أن يعرض البالغ السلوك أولًا (مثلًا: كيف يُزال الحَلَق)، ثم يُشرك الطفل بالمساعدة اليدوية، ثم يُتيح له التجريب بشكل مستقل. هذه العملية تُبنى على مبدأ تقليل المساعدة تدريجيًّا.
٣. السماح بارتكاب الأخطاء:
يتعلّم الطفل من خلال ارتكاب الأخطاء. لذلك، لا يُنصح بالتدخل المستمر عند كل خطأ، بل يجب إتاحة الفرصة للطفل كي يبتكر حله الخاص.
٤. تشجيع الحلول البديلة:
ينبغي توفير بيئات تُتيح الوصول إلى الهدف بطرق متعددة. مثلًا، إذا كان هناك أكثر من طريقة للوصول إلى جسم معين، يجب السماح للطفل بتجريبها ومقارنتها.
٥. الدعم العاطفي والتعزيز:
يجب مكافأة الطفل عند التحلّي بالصبر أو الاستمرار في المحاولة أو النجاح، من خلال الثناء والكلمات الإيجابية. هذا الدعم يُسهم في تطوير موقف إيجابي تجاه عملية حلّ المشكلات.
الخاتمة:
تُعتبر مهارات حلّ المشكلات من اللبنات الأساسية في بناء التفكير لدى الطفل. فهي لا تُساعده فقط في مواجهة تحديات الحياة اليومية، بل تلعب دورًا مهمًا في مجالات مثل التفكير الرياضي وحلّ النزاعات الاجتماعية. لذا يجب دعمها منذ السنوات الأولى من عمر الطفل، ضمن بيئات منظمة تُراعي مشاركة الطفل الفعلية، وتُشجّعه على الاستكشاف والمبادرة. الطفل الذي يتعلّم حلّ المشكلات هو في الوقت ذاته يتعلّم كيف يتعلّم.